/الوجيه السيد
كامل بن يوسف بن علي الهاشمي
الوجيه الصالح الورع الزاهد أحد الأعلام البارزين في العلوم الشرعية ومرجع المسلمين في مختلف أقطار العالم في الفتوى والعلم. كان مثالاً للسلف الصالح في التمسك بالحق والهدي القويم, واتباع السنة النبوية المطهرة. إنه الشيخ العلامة السيد كامل بن يوسف بن علي الهاشمي الذي تنتمي أسرته الشريفة إلى قبيلة بني هاشم وهم أهل العلم والتجارة واشتهرت بالفضل والكرم والأخلاق الكريمة
ولد في عام 1941م، ونشأ في بيئة دينية محافظة عطرة بأنفاس العلم والهدى والصلاح بعيدة كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها. كان والده يعمل في التجارة بين دول الخليج العربي ( قطر، البحرين، الكويت، وإمارة دبي وإمارة أبوظبي )
مما ساعد على تنشئته في بيئة تجمع بين الالتزام الديني والانفتاح على المجتمعات المختلفة ولا شك ولا ريب أن القرآن العظيم كان ولله الحمد والمنه هو النور الذي يضيء حياته وهو عنوان الفوز والفلاح – كما هي عادة علماء السلف – رحمهم الله – إذ يجعلون القرآن الكريم أول المصادر العلمية فيحفظونه ويتدبرونه أشد التدبر ويعون أحكامه وتفسيره , ومن ثم ينطلقون إلى العلوم الشرعية الأخرى
مولده ونشأته
وفاته
توفي يوم الأربعاء 18 ربيع الآخر 1432هـ الموافق 23 مارس 2011م عن عمر ناهز 70 عامًا. أُقيمت صلاة الجنازة عليه في مسجد مقبرة مسيمير (أبوهامور) ودفن فيها. امتلأت المقبرة بالمصلين الذين حضروا لتوديعه، والناس شهود الله في أرضه
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته
فصاحته
اللغة العربية، بما تحمله من جمال وسحر في تعبيراتها، هي لغة القرآن الكريم والسنة النبوية، وهي الوسيلة الأهم لفهم الدين واستيعاب أسراره ومعانيه العميقة. وقد كان الشيخ – رحمه الله – من أبرز أهل الفصاحة والبلاغة، ومن المتمكنين في علوم اللغة العربية، وخاصة في علم النحو، حيث برز في قدرته على التعبير الدقيق والواضح سواء في كتاباته أو خطاباته ومحاضراته
تميز الشيخ بأسلوبه البليغ المؤثر، ونبراته الحزينة التي تخاطب القلوب، وأدائه اللغوي الرائع، حيث اعتمد منهج “السهل الممتنع”، وهو الأسلوب الذي انتهجه كثير من العلماء لجمعه بين البساطة والعمق. وكان لكلماته وقع خاص في النفوس، إذ استطاع أن ينقل المعاني بدقة وإيجاز دون تكلف أو تعقيد
ومن أبرز ما ميّز خطابه قدرته الفائقة على ترتيب الأفكار، بحيث لا يتيه المستمع في تفاصيل متفرقة، مع ضبط عواطفه حتى لا تطغى على منطقه وعقله، إضافةً إلى سلامة أسلوبه من أي خطأ لغوي، وتحليه بالعفوية والصدق، بعيدًا عن التصنع والتكلف
تميز سماحة الشيخ – رحمه الله – بقدرٍ عظيم من الهيبة التي جمعت بين عزة العلماء ورفعة مكانتهم. وقد شهد بذلك كبار العلماء وطلبة العلم، حيث ألقى الله في قلوب الناس محبته وإجلاله، لا من باب الخوف أو الرهبة، بل من الاحترام العميق والتقدير الكبير لشخصه وأخلاقه الرفيعة. فقد فرض الشيخ احترامه على الجميع بسمو شمائله وكريم أخلاقه، حتى كان الناس يهابونه حياءً منه وإجلالًا لمقامه.
وقد زادت هيبته بُعده عن كل ما يشين القول أو يخدش الحياء، فلم يكن يُعرف عنه التهاون في الحديث أو المزاح المفرط، بل كانت مجالسه عامرة بذكر الله، والتفكر في الدار الآخرة. ومع هذه المكانة العالية والمنزلة الرفيعة، كان مثالًا في التواضع، وحسن العشرة، وعلو الهمة، وصدق العزيمة، مع عزة نفس وإباء في الطبع، بعيدًا عن التكلف والتصنع، كأنه يستحضر دائمًا قول الله تعالى: “وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ”.

قوة الحافظة وسرعة البديهة
كان سماحة الشيخ – رحمه الله – يتمتع بذاكرة قوية، وبديهة حاضرة، وقدرة فائقة على استحضار مسائل العلم بدقة وفهم عميق. جمع بين وفرة العلم وسرعة الإدراك، مما جعله من أصحاب الذكاء الحاد والفطنة النادرة. وقد وهبه الله قدرة استثنائية على الحفظ، الأمر الذي كان له الأثر الكبير في تحصيله العلمي، إذ كانت ذاكرته زاخرة بمحفوظات واسعة استقاها من مراحل تعلّمه وتعليمه، فكان يستوعب المسائل العلمية بفهم راسخ وبصيرة نافذة
ومن الشواهد على ذلك أنه كان يُسأل عن الأحاديث المنتقدة في كتب السنة، فيجيب عليها على الفور، مع ذكر تخريجها، والتعليق على أسانيدها، والتعرض لأحوال رجالها، وبيان أقوال أهل العلم فيها. وكان – رحمه الله – من الذين منّ الله عليهم بحفظ الصحيحين، حتى إنه كان يستحضرهما بدقة نادرة، ولم يكن يفوته شيء من متونهما إلا القليل
فراسته
الفراسة من الصفات التي يتصف بها أهل العلم والفضل، وهي موهبة يمنحها الله لعباده المخلصين، كما عرّفها الإمام ابن القيم – رحمه الله – بأنها “نور يقذفه الله في قلب عبده، يفرق به بين الحق والباطل، والصادق والكاذب، والحال والعاطل”. وتكون الفراسة على قدر قوة الإيمان، فمن كان إيمانه أقوى، كانت فراسته أدق وأصدق. وقد كان أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – من أعظم الناس فراسة، وتلاه عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الذي كانت فراسته موافقة للوحي في مواضع كثيرة
وتلك الفراسة لم تكن مجرد حدس أو تخمين، بل كانت نابعة من علمه الغزير وتقواه وورعه، حيث كان دائم المراقبة لله، متمسكًا بسنة نبيه، مبتعدًا عن الهوى، مما جعله صاحب نظرة ثاقبة، لا تكاد تخطئ في الحكم على الناس وأحوالهم
صفاته الخُلقية وشخصيته
لقد أجمع الناس كافة على أنه كان مثالًا للأخلاق الحميدة، والخصال النبيلة، والصفات الرفيعة. فقد كان متواضعًا، كريم الخلق، عظيم الأدب، يُقتدى به في العلم والعمل، مستنيرًا بكتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم -. كان ورعًا، زاهدًا، صادقًا، أمينًا، كثير التضرع والالتجاء إلى الله، مشهودًا له بسخاء اليد، وحسن المعشر، وكثرة العبادة.
وفيما يلي بعض من أبرز صفاته الخُلقية التي اشتهر بها
التواضع
التواضع هو انكسار القلب لله، وخفض الجناح للخلق، وهو صفة الأنبياء والعلماء الصالحين. وقد كان الشيخ – رحمه الله – مثالًا في التواضع، عرف قدر نفسه فلم يغتر بعلمه، وخضع لله خضوعًا تامًا. كان يعامل الناس بلطف ورحمة، لا يتكبر على أحد، ولا يرفع نفسه فوق الآخرين، لا ينهر سائلًا، ولا يزهو على مخلوق، بل كان يخالط الفقراء والمساكين، ويمشي معهم، ويخاطبهم بغاية اللطف واللين
لم يكن يتأثر بمظاهر العظمة الزائفة، ولم يكن يأبى الجلوس مع الناس مهما كانت طبقتهم الاجتماعية، بل كان يستمع لهم بإصغاء، ويتقبل نصيحة من هو دونه دون استعلاء. وقد طبق قول الله تعالى
“وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَٰمًا” (الفرقان: 63)
كما تمثل حديث النبي – صلى الله عليه وسلم -: “إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحدٍ، ولا يبغي أحد على أحد” (رواه مسلم: 2865)
السكينة والوقار
السكينة والوقار كانا سمتين بارزتين في شخصية الشيخ – رحمه الله -، وهما أول ما يلاحظه فيه كل من اقترب منه أو تعامل معه. كان يجذب الناس بخلقه الرفيع وهيبته الطبيعية، فكانوا يتجمعون حوله أينما وُجد، سواء في المسجد، أو في بيته، أو في مكتبه
ورغم كثرة مريديه، كان يصغي لكل منهم وكأنه يخصه بالرعاية وحده، فلا ينصرف عنه حتى ينهي حديثه معه بكل اهتمام ورفق. كان يستقبل الجميع بصدر رحب، سواء كانوا طلاب علم، أو محتاجين، أو أصحاب قضايا، وكان يسعى لتسهيل أمورهم وقضاء حوائجهم ما استطاع
وفي المواقف التي كان بعض الناس يضيق فيها أو يشعر بالظلم، لم يكن الشيخ – رحمه الله – يرد عليهم إلا بتوجيههم إلى الحلم والصبر، والدعاء لهم بالهداية والصلاح، مما يعكس تواضعه الجم، وسكينته العظيمة، وحلمه الواسع، ووقاره الكبير
ومن صور وجاهته يحرصون الناس على تواجده في جميع مناسبات عقود القران ، حيث كان يشاركهم فرحتهم، ويحضر في وقت مبكر، ثم يطلب من أحد الحاضرين قراءة آيات من القرآن الكريم، ليقوم بعدها بتفسيرها للحاضرين، مما يعكس اهتمامه بنشر العلم في كل مناسبة، حتى في مجالس الأفراح
لقد كان الشيخ السيد كامل بن يوسف الهاشمي- رحمه الله – نموذجًا للأخلاق الإسلامية الرفيعة، جامعًا بين التواضع، والسكينة، والوقار، وحسن المعاشرة، وسعة الصدر، والعلم الغزير، مما جعله محبوبًا بين الناس، ومثالًا يُحتذى في الأخلاق والعلم والعمل الصالح
اشتهر بالورع والتقوى والخلق الكريم، وكان داعيًا ملتزمًا بالحق والدعوة إلى الله, وارتبط اسمه بالحكمة والحرص على المبادرة بنشر الخير ما يجعل سيرته درساً للأجيال لتذكيرهم بضرورة المحافظة على مكتسبات القيم والاخلاق المجتمعية الأصيلة. كما اشتهر بحلاوة تجويده للقران الكريم وتفسير أياته, كان مثالاً للأمانة والاستقامة في معالجة قضايا المسلمين
مرحلته التعليمية
التعليم الجامعي
حصل على بكالوريوس الشريعة من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1975م
حصل على درجة الماجستير في الدعوة والاحتساب من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1983م

التعليم الثانوي
أكمل دراسته الثانوية في المعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1971م

التعليم المتوسط
انتقل إلى المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية لاستكمال تعليمه، حيث أنهى المرحلة المتوسطة في مدرسة دار الحديث التابعة للجامعة الإسلامية عام 1967م محققًا الترتيب الأول بين الطلاب الناجحين

التعليم الابتدائي
بدأ تعليمه الابتدائي في أواخر الخمسينيات في دولة قطر
شيوخه
أبناؤه السادة
علي
عبدالرحمن
محمد
يوسف - رحمه الله
أحمد
تلامذته
ساهم في تعليم العديد من الدعاة والطلبة في دولة قطر والمملكة العربية السعودية، وكان له دور بارز في إعداد جيل من الدعاة المتميزين
مهنتـــــه
كان له دور بارز خلال العقود الماضية كونه من أحد ابرز الشخصيات التي لها دور فعال على الصعيد المحلي والدولي حيث عمل أستاذًا وباحثًا وداعية وفقيهًا وعالمًا في الدراسات الإسلامية، بالإضافة إلى كونه رجل دين معروفًا بجهوده في نشر العلم الشرعي
مجاله الوظيفي
١٩٧٥
عُيِّن مدرسًا لعلوم الشريعة الإسلامية
بناءً على قرار من سعادة الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني وزير التربية والتعليم ورعاية الشباب
شغل عدة مناصب تربوية
موجهًا لمادة العلوم الشرعية
رئيس التوجيه للعلوم الشرعية، حيث ساهم في تطوير مناهج العلوم الشرعية في قطر
عمل موجهًا لمادتي الفقه والتفسير في المعهد الديني
شغل منصب موجه لمادة الشريعة الإسلامية حيث تولى الإشراف والمتابعة على (40) مدرسة
١٩٨٤ - ١٩٨٦
ساهم في افتتاح مدارس ومعاهد دينية، منها
ورش التدريب العملي لقسم النجارة في مدرسة الصناعة(١٩٨٤م)
المدرسة الهندية المثالية(١٩٨٦م)
المدرسة الإيرانية (الثمانينات)
رئيس جامعة الدراسات الإسلامية في كراتشي بقطر
١٩٨٧
موجهاً للتعليم الأهلي في التسعينيات بالمدارس الغير ناطقة باللغة العربية
التسعينيات
تولى مهمة التدقيق في معظم الكتب والمؤلفات الدينية التي تدخل إلى دولة قطر لتلك المدارس
حيث قام بمراجعتها بدقة للتأكد من محتواها ومدى مطابقتها للتعاليم الإسلامية والقيم التربوية
نشاطه العلمي
عضو في المجلس الأعلى الإندونيسي للدعوة الإسلامية
١٩٨٠
١٩٨٣
عضو في اتحاد المسلمين في أوروبا
قدَّم دروسًا ومحاضرات في منزله ومجلسه الأسبوعي، وشارك في معالجة قضايا المسلمين وفق منهج القرآن الكريم والسنة النبوية













شهادة شكر من لجنة تنظيم المؤتمر العالمي الثالث للسيرة والسنة النبوية
سنة (1978م)
شهادة شكر من إدارة إحياء التراث
الاسلامي سنة (1983م)
شهادات شكر من وزارة التربية والتعليم وأفراد بارزين خلال مسيرته الوظيفية (1987-2005)
شهادة شكر من المحكمة الشرعية بدولة
قطر (1971م)
تكريم من الجامعة الإسلامية بالمدينة
المنورة كطالب متفوق (1972م)
تكريم من الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني
(1976م)